Site icon عزة برس

عبدالرحمن عبدالله .. يا قلبي طير غرد امام.. بقلم : إبراهيم أحمد الحسن

 

كتبته عنه قبل سنة إبان رحلة استشفائه الاخير ، اليوم اردت تسطير نعي رحيل البلبل الغريد فلم ازد غير الترحم عليه وعبارة ياااا حليلو …
كتبت
لملم معه الطيف من الحمادي و الدلنج و خور نبق .. الجغرافيا التي نسجت مشاعر محمد حامد آدم حنين و هندام ، حملها دافئة تنبض الي ضابط السجن في تداخل عميق مع وجدان مترف متشبث بترنييمات محمد كرم الله و محمد سعيد دفع الله ( قليل يا طيف اقيف و ارجاني / وين فاياتني راحل / ياني معاك مسافر ) لملمها مشاعر جياشة تدفقت من خور نبق مرورا بالحمادى و الدلنج و مشى بها الي منحنى النيل حيث التقط الطيف و جاء بها الي عروس الرمال عند ضابط السجن . ذاك هو البلبل الغريد عبقري الفن السوداني بلا منازع شدوا وتطريباً عبدالرحمن عبدالله .
و قد اتى حينها من رحلة استشفاء طويلة ، خطفت رجلي الي بيته ونقلت اليه رغبتنا في زين وقتئذ ان نسعد جماهيره في كردفان و نستصحبه رفقة فنية حفلة الى مسرح عروس الرمال ، وكما توقعت استجاب فورا و كان لسان حاله ( يا قلبي طير غرد امامها ) عروس الرمال .. لم يستجب لتوسلاتنا ب ( صبرك لحظة واحدة ) حتى نحسن ترتيب الامور بل كان يصر ان نذهب الي هناك فوراً و طرنا الي المدينة العروس ممنين انفسنا ( باشعار ما لها آخر ) حزمها الاستاذ في حقيبته و و (قبال صباحنا يبوح ) سافرنا الي هناك الي ست فريق المرهف عبدالله الكاظم نذوب طرباً عند مدخل المدينة الطاعم كلامها ..
هناك في الابيض ( حيث كان الريد مستني ) و رفقة ( ود بارا ) كان للزيارة طعم خاص ..و الونسة التي تأتي من القلب تمسك بزمام مجلس السفر .. تشعل في الدواخل الحان مدوزنة ،،و موزونة علي دقات النقارة و صفقات الطنبارة .. و السفر اينما اتفق يحرك الوجدان اما اذا كان للمدينة العروس و برفقة عبدالرحمن عبدالله فانه يجعل القلب يصفق للزهور نشوان .
عبدالرحمن يجمع في جمال روحه نقرشة طنمبور و هزيم طنبارة ، دقة دليب و نقارة ،،رميات اغنيات منحنى النيل يأتى بها سهلاً ممتنع يمهد بها الطريق الي اغنيات تهبش “جوة الضمير” ، اشعار عبدالله محمد خير عنده حاضرة تختلط مشاعره علواً و هبوطاً مع محمد حامدآدم لتخرج الحان ( ترن براها بلا تقرب ليها إيد ) تعبر عن جمال لا يستطيع سبر الاغوار فيه سوى بلوم الغرب ، فبألحانه المدوزنة و الشعر الرصين من كردفان أتى و برميات موشحة بالنظم الجميل من منحنى النيل أتى و في جناين بارا غرس فسيلة الحب للارض و للسواقي و حملها في سويداء وحداته اغنيات عديدة استعدلت المزاج السودانوي المرهف و ضبطت ايقاعه علي مردوم و دليب و جراري و دقلاش علي وقع نقارة و نقارة و طار و طبلة . و لعل الوشيجة التي ربطت منحنى النيل عند امبكول مع بلد السواقي و الخضرة و الجمال بارا جسدتها محادثة عفو الخاطر ( تحكي حنين مغرد ) اجراها الروائي العالمي الراحل المقيم الطيب صالح من مقر اقامته بلندن مع الفنان الكبير ود بارا يحكي فيها عن اعجابه باغنيات الفنان عبدالرحمن عبدالله و ينقل فيها تحياته للشاعر الكبير محمد حامد آدم .
عبدالرحمن عبدالله يستحق ان نقف معه في رحلة تعافيه ، نقف معه بالفي و بالمافي ، بالكلمة الطيبة و الامنيات المؤازرة ، بالمعاودة و المؤازرة القلبية بعيداً عن فلاش الكاميرات و ضجة الاسافير مؤازرة تترجم الي خطوات عملية تستخدم الكاميرا بالقدر الذي يجذب الانتباه المنتج و تُقرع طبول الاسافير نقارة و طار بما يحفظ الكرامة الموفورة عزة و إباء ثم تطرح الحلول . نقف معه الجميل ود بارا لنرد جميلاً غرسه في مناحي السودان كلها و شنف فيه الاذان بما اعطى للغناء في السودان كله طعم قنديل المنحنى و لون ( طبيق العسل ) و ريحة الدعاش و ندى الجروف ، رد جميل حمل الطيب صالح ان يهاتفه يوماً محبة و اعجاب و حنين و واجب و يحملنا نحن .. في السودان قاطبة ان نجعل مدوزنة الانغام التي رددت ( شجوني الجوة قلبي حية / شيل رسائل مرسولة لي / و بلطافة اسرع تعال ) ، تجعلها تقف شامخة من جديد و كما ( التبلدي الشامخ نعزو ) و تغني من اول وجديد ( الشباب النفخر بكنزو / الجمال النفخر بكنزو / و يا حليلا عروس الرمال ) .
ويا … يااااا حليلو عبدالرحمن عبدالله ، له الرحمة والمغفرة وعال الجنان ولكل اهل السودان الصبر الجميل وحسن العزاء وانا لله وانا اليه راجعون .

Exit mobile version