المقالات

همس الحروف.. حرفة صناعة الشيطنة .. شركة بدر للطيران نموذجاً 3/3 بقلم : الباقر عبد القيوم علي

الحلقة الثالثة

تقول الحكمة : (قد يكون الشخص الذي قُصِدوا شيطنته مستقيماً و لكن من يعكسون صورته للناس فهم المعوجون ، فلا تصدق كل ما تسمع) .

بداية و قبل أن أدلف إلى تفاصيل موضوع هذا المقال أريد أن أوجه سؤالاً مهماً يجب على الجميع أن يضعونه في عين الإعتبار .. سلطات الجمارك فرضت تفيشاً داخل كبائن الطائرات الوطنية قبل و بعد صعود الركاب إليها ، و طبعاً كحال السودان و عجز إمكانياته ، فكل الأشياء لا تشبه الأشياء القياسية ، قد تأخذ منها لمحة في الشكل و تخالفها في المضمون ، فأمر التفتيش المفروض يعتبر كأحد الوسائل البدائية التي يتم بها مكافحة تهريب الذهب ، و يعتبر هذا النوع من التفتيش تحصيل حاصل ، لعدم المهنية و الجدية و الإحتراز الذي يؤدون به هذا العمل وكما أنه يمكن أن يأتي بنتائج عكسية ، فهو ليس دقيقاً و لا فنياً ولا يتم عبر أجهزة كشف الذهب و كما لا يقوم علي نظرية علمية بعينها ، حيث يلعب في ذلك الحظ نصيب الأسد ، فإن معظم ضبطيات الذهب التي تمت على متون الطائرات بصورة عامة كانت بمحض الصدفة ، و في بعض الأحيان كان طاقم شركة بدر هو من يبلغ السلطات ، فنجد أن العمود الفقري الذي يقوم عليه هذا علم هذا التفتيش يعتمد على النظر فقط و الحاسة السادسة ، أو بالإحساس الموروث من حبوباتنا اللائي كن تنقبض قلوبهن إذا كانت هنالك مكروه ما ، أو تأبى أنفسهن بعض الأماكن التي تدور حولها الشبهات و إن كانت لأول مرة تزور هذه الأماكن ، و تعتبر ونسة حبوبات حول مجالس القهوة و رمل الودع ، حيث تعتمد هذه الخطط على المزاج أو علم التخمين أو كإعتقاد بعضهن في الزار ، فتكون لها بعض الشطحات التي يتم بها التعرف على الأشياء ، فإذا العملية أصابت هدفها المشود يعتبر ذلك نجاح لمن خمن و وجد ، أو خابت فذلك يعني إنقطاع النصيب ، و في كلتا الحالتين يقولون قدر الله و ما شاء فعل ، فسؤالي هذا ليس من باب القدح أو التخوين لسلطات الجمارك أو الجهات التي تساعدها ، و لكن من أجل توطين مبدأ الشفافية و محاربة الفساد وقطع الطريق أمام الفاسدين و إحقاق الحق : من هو ، و ما هي الجهة التي تقوم بتفتيش أفراد الجمارك الذين يقومون بتفتيش الطائرة قبل و بعد ؟؟!! .. الإجابة لا أحد !!! .. سأترك المساحة الكافية للرأي العام لإستنباط كل الإحتمالات التي يمكن أن تحدث في مثل هكذا حالات .

لقد إستعرضنا في الحلقات السابقة هشاشة الوضع الأمني داخل المطار ، فقد يكون هنالك تشدد في صالة المغادرة و لكن كل التهريب الذي يسمى تهريباً لا يمر عبر الصالة وهذا أمر مفرغ منه ، فدعوني أعرض عليكم بعض الصور لمطار الخرطوم الدولي الذي لا يشبه أي مطار من مطارات دول العالم و لا حتي الفقيرة منها ، لا خدمات ، و موظفين تخرخ الكآبة و البؤس من وجوههم الكالحة حينما تقع عين المسافر عليهم ، تنقصه كل الشواهد التي تدلل على عالمية هذا الصرح المهتري ، و أضف على ذلك الفقر الذي يخيم على كل العاملين فيه و لهذا نجد معظمهم يعرضون خدماتهم (الممتدة) نعم الممتدة لأي مسافر و لكن بلغة صامتة يكتنفها خجل العوز ، و كذلك كثرة وجود الوحدات الأمنية المتداخلة في الإختصاصات و المتباينة في كل شيء ما عدا التسلط بإسم السلطة و النفخة الكذابة إذا علت الرتبة أو دنت ، و أضف إلى ذلك رمادية تحديد المسؤوليات عند وقوع الضرر ، فمطار الخرطوم يعتبر إحدي ساحات مصارعة الأفيال ، إذ يعتبر المهزوم في معاركه منتصراً .

صحيح أن شركة بدر شركة خاصة و لكن ما يميزها عن غيرها ، يديرها رجل ناجح بكل مقاييس النجاح و صاحب عقل جبار يملأه الذكاء الحاد الذي إستطاع به أن يؤسس عملاً كبيراً بدون إمكانيات ضخمة و يتحيز به على مكانة الناقل الوطني الوحيد و لو مؤقتاً ، وعلماً أنه من خارج المجال ، فكيف أن كان منه ، فمثل هذا الرجل و أمثاله كثر في السودان فيجب على الدولة أن تتفقدهم يومياً إذا تأخر أحدهم في الظهور الروتيني اليومي ، إذ يعتبرون من الثروات القومية ، و واجب على كل مواطن حمايتهم كما تحمي المرافق العامة .

الخطط المستقبلية ، التقدم ، التطوير ، التدريب ، إحتضان الخبرات المحلية و إستجلاب الخارجية ، توطين الخدمات الأرضيية ، الصيانة و تمزيق معظم فواتيرها الدولارية ، الإهتمام بالكوادر البشرية بكامل تخصصاتها و تحقيق كامل رغباتها ، و السير وفق خطط علمية مدروسة و كل ما ذكر فهو صحيح بالإضافة إلى كل شيء من شأنه أن يقود للنجاح هذه هي سياسة شركة بدر للطيران التي تتبعها في مسيرة إنطلاقتها المكوكية إلى فضاءات السماء المفتوحة .. أليس هذا كافياً أن يجلب لها حسد الحاسدين و تربص حقد الفاشلين .

التهريب و المهربين و سماسرته هم عبارة عن شبكة قديمة حديثة و ما زالت تتمتع بكامل مخصصاتها التي تحميها عند المساءلة و كما يسهل عليها الدخول و الخروج عبر بوابات المطار بكل سهولة ويسر و ليس كما ذهب البعض الي قصر و تهتك سور المطار في بعض الأماكن ، فالمهربين تحميهم سلطة و هذه حقيقة يجب أن يعلمها الجميع ، و أن التهريب يمر عبر البوابات وليس بالسور ، و بدون خوف من أحد ، فما يحدث الآن من ضبطيات على متون الطائرات لا يعد تهريباً في هذا السوق ، لأن التهريب ما زال يتم بالأطنان .

في العمليات التي تم ضبطها في المرات السابقة و التي تمت بها محاولة شيطنة بدر ، فإن جميعها تعتبر محاولات ساذجة تدل على قلة عقل و غباء من قام بها ، فإذا لم يكن هنالك مهرب واحد في السودان خلاف السيد أبو شعيرة ، فلن يكون هو الأكثر غباءً ليضع الذهب تحت مقاعد الركاب و كل الطائرة ملك له ، فسؤالي للمشيطنين : لماذا يضعون رجل بقامة ذكاء أبو شعيرة في مكان أغبياء المراهقين الذين يقومون بعمليات و مغامرات صبيانية ؟ ، وإذا كان السيد أحمد أبو شعيرة من يفعل ذلك فبكل تأكيد لن يكون أدائه بهذه السذاجة السمجة التي يمكن أن يحرق بها كل ما بناه من إنجازات مقابل قيمة وقود تحرقها إحدى طائراته في رحلة واحدة ، و كما لن يكون ذلك في هذه الأيام التي يتتبع فيها كل المشيطنون لشهيقه و زفيره و عثراته حتي يتم زجه في فخ الأحقاد .

فأقول لكل الذين إستهدفوا هذا الرجل وشركته من أمثال فلان وعلان ، و جبير و كسير ، و سعد و سعيد ، و زيد و عبيد ، و جاسم و قاسم ، و شعبان و رمضان ، و أمير و أميرة و جابر و باقر و لكل من ذكرتهم بصورة عامة و من لم أذكرهم أن يعلموا أن هذا الشعب حصيف جداً و يعرف أن يميز الخبيث من الطيب بكل يسر ، فدعوا الخبز لخبازه و أتركوا عنكم شركة بدر ترسم الفرح في فضاءات السماء الرحبة ، و أعلموا أن الدنيا واسعة و تسع الجميع ،و الكل فيها مرزوق من الله ولن يموت منا أحد و أذا لم ينل كل رزقه ، و إذا دعتكم قدرتكم على إختلاق القصص مع قرائنها فتذكروا فضل الله عليكم ، و كما لا تنسوا (الفضل !!!) بينكم .

مواضيع ذات صلة

زوايا المرايا.. د.زينب السعيد تكتب: ابني مات مرتين

عزة برس

نحن عزنا جيش بقلم: شادية عطا المنان

عزة برس

عمار العركى يكتب : محمد ديبي بين مطرقة الامارات وسندان فرنسا

عزة برس

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: مؤتمر اللاجئين وتبرئة عنان.. تقديم السبت احتسابا للأحد

عزة برس

الاتحادي الأصل بنهر النيل يهيب بجماهير الحزب الاحتشاد في شندي لاستقبال السيد جعفر الميرغني

عزة برس

أمصال وإبر.. د. وليد شريف عبدالقادر يكتب: المسودات. بين. طارق. الهادي. ودكتور سامر. وعلوبة (1/ 2)

عزة برس

اترك تعليق