المقالات

دولة القانون.. د. عبدالعظيم حسن المحامي يكتب : نقابة المحامين (8)

بخضم الحرب التي أضاعت الجنوب العزيز حرّض *علي عثمان محمد طه* المحامين المؤيدين للنظام البائد قائلاً: “تسقط مدينة توريت ولا تسقط نقابة المحامين”. العبارة كانت كافية الدلالة لأهمية نقابة المحامين للنظام المخلوع. بالمقابل، ورغماً عن هذه الأهمية، نجد أنه وفي منتصف يوليو الجاري أصدرت لجنة التفكيك وإزالة التمكين قراراً بتجميد لجنة تسيير الهيئة الفرعية العامة للأبحاث الجيولوجية. هذه اللجنة الفرعية أنشأتها لجنة إزالة التمكين بموجب قرار سابق ثم عادت وحلتها لحين إشعار آخر. بغض النظر عن الأسباب، وليس تقليلاً لدور الهيئة الفرعية للأبحاث الجيولوجية إلا أنه، ومن حيث أوليات ثورة ديسمبر، ليس هناك كيان أكثر أهمية من نقابة المحامين والتي هي، لدى الثائر الحقيقي ورجل الدولة، الخط الأحمر الذي لا يُعلى عليه.
الثورة لن تمضي طالما الطابع الحزبي سيطر على تشكيل لجنة تسيير نقابة المحامين. الحال كذلك، من المستبعد أو غير المتوقع أن تلجأ لجنة التفكيك وإزالة التمكين لاستبدال لجنة تسيير نقابة المحامين بأخرى أو تجري عليها تعديلاً جوهرياً أو تحاسب القائمة وذلك لعدة أسباب يمكن تلخيصها في: *السبب الأول*: إن نقابة المحامين، في الأصل، نقابة مهنية وليست واجهة سياسية. فإذا كان المنشىء، أي لجنة التفكيك وإزالة التمكين تصف نفسها بأنها لجنة سياسية، وهي بالفعل كذلك، فإن من سيطروا عليها وقراراتها ليسوا بسياسيين عاديين وإنما واجهات وقيادات حزبية ما كان لهم أن يقبلوا تولي أدوار تتطلب إلا قانونيين مشهوداً لهم بغير الانتماء الحزبي. *السبب الثاني*: من يتحكم بقرارات لجنة تفكيك وإزالة التمكين ذات الطريقة والعقلية التي رشحّت وسمّت لجنة تسيير نقابة المحامين. فإصدار قرار بحل لجنة تسيير نقابة المحامين يتطلب مستوى عالٍ من التجرد وفك الارتباط بكيان سيكشف ظهر لجنة التفكيك وإزالة التمكين. *السبب الثالث*: طغيان الطابع الحزبي وغياب دور لجنة تسيير النقابة جعل المحامين زاهدين في أي دعم للجنة التسيير واعتبروها بحكم الموات. الإحباط بلغ بمحامين، أعلى سقف طموحاتهما الانشغال بتكوين جمعية تعاونية استهلاكية. آخرون ذهبوا لتكوين مجموعات ضغط على غرار (محامو امدرمان). حتى الأحزاب التي تألف منها تحالف المحامين، وبسبب المواجهات والانشقاقات على مستوى مركزية الحرية والتغيير، بات من العسير اجتماعها وتوافقها على تشكيل لجنة تسيير سيقبلها المحامون.
ان إهمال لجنة التفكيك وإزالة التمكين للمحامين أو أي محالات لاستقطاب بعضهم ستكون بوابة الإحباط والانشقاقات العظيمة التي ستؤتي منها الثورة. إن أهمية نقابة المحامين ليست لأغراض البنيان النقابي وإنما لكونها مالكة بث الشك أو الطمأنينة لدى الثوار ومدى اتساق المسيرة مع الدستور والقانون. لصمت دام لثلاثين عاماً، سواء للامبالاة أو الخوف أو الطمع أو المماهاة، جاء وقت اجتماع وتحرك المحامين الشرفاء للمطالبة بنقابة تعبّر عنهم وتطلعاتهم والمواطنين الذي كانوا وما زالوا يثقون بدورهم في تحقيق دولة القانون.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
28 يوليو 2021

مواضيع ذات صلة

زوايا المرايا.. د.زينب السعيد تكتب: ابني مات مرتين

عزة برس

نحن عزنا جيش بقلم: شادية عطا المنان

عزة برس

عمار العركى يكتب : محمد ديبي بين مطرقة الامارات وسندان فرنسا

عزة برس

أجراس فجاج الأرض.. عاصم البلال الطيب يكتب: مؤتمر اللاجئين وتبرئة عنان.. تقديم السبت احتسابا للأحد

عزة برس

الاتحادي الأصل بنهر النيل يهيب بجماهير الحزب الاحتشاد في شندي لاستقبال السيد جعفر الميرغني

عزة برس

أمصال وإبر.. د. وليد شريف عبدالقادر يكتب: المسودات. بين. طارق. الهادي. ودكتور سامر. وعلوبة (1/ 2)

عزة برس

اترك تعليق