المقالات

دولة القانون..د. عبدالعظيم حسن المحامي يكتب : نقابة المحامين(7)

تذكرون إبان مواجهات المخلوع كتبت مقالاً وصفت فيه صمت الكبار بالفحول المكننة والمخصية. حقيقة كنت أطمح أن تأتي ديسمبر المجيدة بتلاحم الشارع مع الشرفاء من المحامين، قضاة المحاكم بمن فيهم الدستوريين والمستشارين ووكلاء النيابات. تفاعل القانونيين ليس إلا رداً لجميل المجتمعات والنقابات التي تقدّس اللجوء للمحامين واستشارتهم في أدق شؤونهم العامة والخاصة. نقابة المحامين لا ينحصر دورها في إيجاد الحلول وترسيخها وإنما توثيقها لتتوارثها الأجيال. بمجتمعات الحرية، السلام والعدالة لا يجوز أن تكون نقابة المحامين كيان سلبي لا يبارك معروفاً ولا يناهض منكراً.
المتشائمون والشامتون لم يتوقعوا أن تأتي ديسمبر المجيدة بنقابة محامين بهذا البعد عن تطلعات القواعد والثوار والكنداكات الذين رأوا ولمسوا، إبان محاكمات الطوارىء، نماذج مختلفة كلياً ممن تولوا نقابة المحامين مؤخراً. بعد عامين من تقلُد نقابة المحامين لمهامها تزايد الهمس وارتفعت الأصوات المطالبة لجنة تسيير نقابة المحامين بالاستقالة. ازدياد الوتيرة والغضب سيؤدي لشرذمة المحامين وتنامي دعواتهم وتياراتهم المنادية بجمع التوقيعات بسحب الثقة عن نقابة فشلت بأدنى مهامها جاعلة من المحامين مجرد متفرجين أو منتظرين بدكة الاحتياط.
صحيح أن تاريخنا السياسي والنقابي خالٍ من ثقافة الاستقالة. كثيرون ممن تتوسم فيه المصداقية وتضع عليه القواعد ثقتها يستكبر ولو عن الاعتذار سواء أكان فاقداً المؤهلات النقابية أو كشفت الأيام قلة حيلته وهوانه. غياب أبسط جدارات القيادة كالقدرة على التواصل وإهمال التفاعل يُظهر أسوأ النماذج النقابية من شاكلة المستمسكين بالمناصب واستغلالها تمكيناً للحزبية ومحاصصة للمقربين من الأصدقاء بجانب انتهاز الفرص للمكاسب الشخصية. هذه الظروف لن تؤسس لعمل نقابي حر ونزيه بقدرما مرتع للدسائس والتحريض واختلاق الفتن بين القواعد والطعن في المصداقية.
المحاماة مهنة، بطبيعتها، تعزز الأنأ والمنافسة الشريفة، وبذات القدر المجحفة. أمراض المهنة التي تغذت لعقود تلقي على كاهل كل المحامين واجب الوحدة ومزيد التجرد ليكونوا بقامة ديسمبر المجيدة. واقع الثورة الأليم يكشف أننا بصدد خيارين لا ثالث لهما، الأول: مواجهة قواعد المحامين لنقابتهم مقترحين ومطالبين استعجال التصحيح. فعامان كفيلان للاقتناع بضرورة تصحيح الملف العدلي الذي يُسأل وسيُسأل عنه أولاً وأخيراً المحامون. الاسترخاء لن يؤدي إلا لمزيد التعقيدات لنظل في دوامة الحلقة الخبيثة التي لا تفضي إلا للخيار الثاني المتمثل في الانقلاب الذي لن يكون هذه المرة عسكرياً بحتاً وإنما استمرار نفس الزول المتحكم بمنظومة الإحباط التي لم يتغير فيها إلا أحمداً بحاج أحمد.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
26 يوليو 2021

مواضيع ذات صلة

على كل.. محمد عبدالقادر يكتب: دموع مريم… وهروب حمدوك

عزة برس

تمبور السودان عصي على التركيع وصامد امام اعتى العواصف

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: تفسير مفهوم مصطلح (تكنوقراط) انجب مولود مشوه ..!!

عزة برس

دكتور وليد شريف يكتب : صديق الحلو.. رحيل لثورة ضد السكون

عزة برس

عائشة الماجدي تكتب: السلطان سعد ( أسمحوا لي بالمغادرة )

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: مؤتمر باريس ومتلازمة أزمة الضمير السياسي ..!!

عزة برس

اترك تعليق