المقالات

همس الحروف.. حرائق نخيل الشمالية .. بلاغ ضد مجهول بقلم : الباقر عبد القيوم علي

 

 

 

ظلت الولاية الشمالية تنعم ردحاً من الزمان في إستقرار نسبي وهدوء ملحوظ بعد أن بدأت تمحوا ما خلفه فيضان و مجاعة 1988م (السيول والفيضانات) الذي أدى الى خسائر مادية ضخمة أثرت على السواد الأعظم من سكان هذه الولاية الذين فقدوا أعداد ضخمة من أشجار النخيل المثمر الذي كانوا يعتمدون عليه و كثير من المنازل تعرضت للدمار الشامل و هذا كان يعتبر من الأسباب الرئيسية وراء زيادة نسبة الفقر بالولاية التي نتجت عن مثل هذه الكوارث الطبيعية .. وبرغم السعي الدؤوب من مواطني هذه الولاية للتغلب على محو أثار الفقر بالزراعة و زيادة الإنتاج إلا أن ما يسبط هممهم هو النقص الحاد في كل إحتياجات الحياة ومعيناتها و إنعدام أبسط مقوماتها و معظم الضروريات مثل المياة الصالحة للشرب في كثير من هذه القرى التي تحازي النيل بالإضافة لمعاناتهم من إنعدام تام لإمداد التيار الكهربائى سيما و أن سد مروي بهذه الولاية و لكن ظلت كثير من قرى هذه الولاية تعيش في ظلام دامس و لم يصلها إمداد الكهرباء و هذا ما يذكرنا بالمقولة المشهورة : كالعيس في البيداء يقتلها الظمى … والماء فوق ظهورها محمول .

وعلاوة على ذلك إنعدام الخدمات الصحية والرعاية الأولية و فقر المرافق الصحية وإرتفاع معدل درجات الحرارة في الصيف و البرودة الشديدة في فصل الشتاء وإنتشار العقارب السامة في كثير من قراها مع إنعدام الأمصال التي تتغلب على هذه السموم وإرتفاع معدلات الإصابة بالسرطانات.. وهذا خلاف الزحف الصحراوي الذي دفن كثير من هذه القرى وأهلها ما زالوا يصارعون من أجل البقاء علي قيد الحياة في محاولات يائسة ومضنية للتغلب على هذه الظروف القاهرة و القاسية و ذلك بالعمل الجاد و المتواصل مع التحلي بالصبر والجلد والرضاء بما يقسمه الله تعالى عليهم من إبتلاءات .

و لكن هذا الهدوء النسبي لم يدم طويلاً ولم ينعموا به كثيراً وكان كما يقال في المثل :(الهدوء الذي يسبق العاصفة) إذ إنفجرت في هذه الولاية منذ سنة 2007 موجة عاتية من الحرائق التي دمرت الألاف من أشجار النخيل الذي يعتبر من الموارد الإقتصادية الهامة للولاية .

هذه الولاية لا تزال تصطلى بظاهرة حرائق النخيل مجهولة الأسباب والتي يمكن أن يتم تفسيرها بالعمل التخريبي الممنهج .. و الشيئ الملفت للإنتباه هو أن هذه الحرائق تنتقل من منطقة إلى أخرى ومن محلية إلى غيرها مخلفة خلفها دمار شامل و يساعد على سرعة إنتشار هذه النيران في حقول النخيل هو عدم وجود خطوط للنار و عدم التنظيف المنتظم للشتول و كذلك سرعة الرياح التي تؤدي إلى إنتشار رقعة الحريق مع صعوبة دخول عربات الإطفاء إلى داخل الحقول وهذا إذا كان الدفاع المدني حاضر و لبي الإستغاثة عند الطلب .. و ما يعيق سيارات الإطفاء هو وجود جداول الماء وأحواض الزراعة و قلة جاهزية الدفاع المدنى في تلك المناطق علي التغلب على مثل هذه الحرائق .. و قلة الخبرة في التعامل مع مثل هذه الحرائق التي تشبه حرائق الغابات .. وكذلك الضعف على مستوى التحري و معيناته التي تساعد في إكتشاف الجريمة ومعرفة الجاني وتقديمة إلى العدالة لينال جزائه ويكون عبرة لغيره.. ولذلك أن معظم التقارير لهذه الحرائق مقيد ضد مجهول وهذا ما يشجع هؤلاء المخربين ويمنحهم الجرأة للإستمرار في تدمير الإقتصاد الوطني .

ما يحدث الآن في جزيرة صاي من تصفية عرقية لقبيلة العمة النخلة بصورة تدمى لها القلوب يحزننا كثيراً و يعتبر هذا الجرم كجرائم الإبادة الجماعية لحقول النخيل التي قطعاً سوف تؤثر ثأثيراً كبيراً في تغيير شاكلة الحياة سلباً لأصحاب هذه الحقول و يكون ذلك خصماً من الإقتصاد الكلي للدولة.. وهذا بسبب عجز السلطات عن إكتشاف الأسباب والوقوف دون تكرارها في المستقبل وكذلك عجزها التام لإفتقارها إلى جل وسائل ومعينات الإطفاء وذلك لعدم وضع إعتبارية و تحسب لمثل هذه الحرائق وعلاوة على ذلك بعد مراكز الإطفاء عن القرى و وجودها في المدن الكبرى فقط .

على الدولة البحث عن أسباب هذه الحرائق و وضع يدها على من يقوم بإشعالها بتكثيف التحري المتخصص ومعيناته من أدوات وكلاب بوليسية مدربة على إكتشاف مثل هذه الجرائم وإيجاد والحلول الناجعة لها. .. وعلى المواطنين كذلك أن يقوموا بفتح خطوط النار ونظافة الحقول وترك مساحات لدخول عربات الإطفاء إلي داخل الحقول والتحوط بالطفايات المحمولة يدوياً وطلمبات المياه ذات الخراطيم الطويلة التي يمكن التحكم بها عن بعد و يمكن أن تساعد في تخفيف حدة النيران حتى وصول سيارات الدفاع المدني إن وجدت .

مواضيع ذات صلة

عمار العركي يكتب: خبر وتحليل: – مجلس الشيوخ الامريكي ومجلس الشيخ الإماراتي

عزة برس

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: ايها السادة .. انتبهوا !!

عزة برس

أماني الطويل ومعطوب القول!! بقلم: عمر عصام

عزة برس

تقرير: 1140 حالة اختفاء قسري خلال عام من الحرب في السودان

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: دعوها فانها مأمورة ..!!

عزة برس

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: استفهامات بريئة جدا ؟!

عزة برس

اترك تعليق