المقالات

همس الحروف.. مشروع تحدي القراءة العربي واقع يفرض نفسه بقلم : الباقر عبد القيوم على

يقول العرب قديماً : تحدث كي نعرفك لأن الصمت يخفي خلفه كنه الشخص حتي يتحدث ويفصح عن نفسه و لا يتعرف الناس عليه إلا عبر الكلام بالرغم في بعض من الأحيان يعتبر الصمت أفضل من الكلام نفسه و ذلك لان معظم المشاكل والإختلافات بين الناس تأتي بعد الحديث و من الكلام ، و لكن تظل اللغات هي العامل المشترك الأساسي في تواصل الشعوب مع بعضها البعض في تجانس فريد بين جوارح الجسم إرسالاً.باللسان و إستقبالاً بالأذن حيث تقوم الألسن بلفظ الكلام و إرساله إلى الآذان التي تستقبل هذه الرسائل المرسلة إليها حسب نوعية اللغات التي تختلف بين الشعوب ، حتى دخلت حديثا لغة الإشارة كلغة عالمية موحدة للصم و البكم لتزيد من الربط الأممي بين هذه الشعوب وهي تعتمد على البصر و لغة الجسد التي أساسها حركات معينة و متفق عليها تدار بالأيدي ، وهنا يبرز الدور المهم للغات في عملية التواصل بين البشر الذين يختلفون في أوطانهم و أجناسهم و ثقافاتهم و ذلك حسب موقعهم الجغرافية على خاطة العالم .

لغة القران هي الاوسع إنتشاراً بين شعوب العالم المختلفة و يتحدث بها الكثيرين غير العرب و تعتبر من أهم لغات العالم و تحتل المرتبة الرابعة حسب التعداد السكاني للناطقين بها ، فهي لغة متجانسة و طنانة ورنانة وكما أنها غزيرة المفردات و وفيرة المترادفات و واصفة للمعاني بشكل دقيق و تسمى بلغة الضاد لإنفرادها بموسيقية نطق هذا الحرف .

في الآونة الآخيرة بدأت تضيع ملامح اللغة العربية بدخول بعض المستجدات عليها ليس في نطقها فقط بل تعدت ذلك إلى طريقة كتابتها في تحريف واضح عبر ما يسمى بالفرانكو أربيك و هي عبارة عن طريقة جديدة في كتابة الرسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، حيث بدأت في إضعاف اللغة العربية في طريقة الكتابة و هذا يعتبر من الوسائل التي ستؤدي إلى محو الهوية العربية تماماً ، لأن العرب كثيري الإعتقاد في جودة اللغة الإنجليزية وكما أكثرهم يتمنى ان يكون ناطقاً بها ، و لهذا يقومون يإدخال بعض الألفاظ الإنجليزية في وسط الكلام العربي كضرب من ضروب الرقي و التحضر و كذلك الحال في طريقة الكتابة .

و لهذا كان من الواجب وجود بعص المهتمين من أصحاب الهمم الذين من ضمن أولوياتهم حماية هذه اللغة العظيمة من التعدي الذي بدأ يغير في ملامحها متأثرة باللهجات العامية في بعض الدول نطقاً و كتابة ، علاوة على دخول الفرانكو أربيك الذي يمكن أن يدمر هذه اللغة في وقت قياسي جداً ، إلا أن إشراقات دولة الإمارات العربية المتحدة التي دوماً تطل علينا عبر أشكال متعددة في العطاء ، وهي تعتبر أول دولة عربية و إسلامية قامت بطرق باب الحفاظ على هذه اللغة ، فبرز دور الإمارات جلياً في هذا الشأن وذلك من خلال سعيهم الحثيث لحمايتها من الضياع بالتعدي و التشوهات التي طرأت عليها و خصوصاً عند الأطفال ، و فكانت من ثمرات هذه المساعي الرامية لحفظ لغة الضاد هي مشروع مبادرة تحدي القراءة العربي و الذي خلق منافسة عالية بين أطفال العرب ، أرجعتهم للحفاظ على لغة القران ، و تعتبر هذه المبادرة من أول و أعظم المبادرات في الوطن العربي التي أسسها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم و التي انطلقت من دبي في عام 2015 لرفع الوعي بأهمية اللغة العربية و زيادة ربط الأجيال بها و تحبيب الأطفال فيها بخلق روح المنافسة بينهم و إعادة إحياء عادة قراءتها لدى الطلبة العرب .

أصحاب مثل هذه المبارات المشرقة يعتبرون من أميز الناس لأنهم إستطاعوا أن يتجاوزوا همومهم الفردية إلى مرحلة الإهتمام بالشأن الجمعي التي يخص العامة و خصوصاّ الذين يتخطون حدود دولهم المعنية ليشمل نفعهم كامل الوطن العربي ويزيد ، و ينطلقون بعدها إلى العالمية ، فحقيقة هم أناس يستحقون وقفة شكر و تقدير و احترام ، لأنهم كانوا أصحاب نظرة ثاقبة و واسعة و كانوا أكثر الناس قدرة على قراءة الواقع متعدين ذلك الى المستقبل ، حيث نجدهم يبصرون في دائرة اوسع من التي يبصر من خلالها غيرهم ، لانهم أصحاب إحساس جميل و مرهف يجعلهم يشعرون بالهموم العامة التي بإزاحتها سيسعد الناس ، لانهم كانت لهم نظرة واسعة و منفتحة ليست بذلك الضيق الذي يركز في زوايا الذات الفردية بل شمل الذات الكلية للمجتمع ، متجاوزين الإنغلاق حول ذاتهم .

ولذلك يعتبر الشكر عبادة من أعظم العبادات التي ربط الله بها زيادة النعم ، و يقول الحق عز وجل : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) .. سورة ابراهيم الآية 7 .

فلا بد من الوقوف و رفع القبعات و توجيه أسمى آيات الشكر لأصحاب هذه المبادرة المشرقة و التي بدورها تعتبر من أفضل الوسائل التي تعزز مكانة اللغة العربية في نفوس العرب والناطقين بها من غير العرب ، حيث بلغ عدد المشاركين فيها حوالي (13) مليون مشارك حول الوطن العربي خاضوا التحدي في منافساتها ، و تعتبر هذه المبادرة من افضل الأدوات الناجعة والناجحة التي سيخلدها التاريخ و التي بدورها سترعى و تحافظ على أصول اللغة العربية وجمالها ، فأخص بالشكر للقيادة الإماراتية متمثلة في شخصية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي أطلق هذه المبادرة ، و كما أخص بأجزل آيات الشكر وأجملها لسعادة سيد شباب سفراء العرب حمد محمد الجنيبي الذي يعتبر من أخلص الذين يحملون معنا همومنا في السودان و خصوصاً هم التعليم ، فكان له و لدولة الامارات القدح المعلا في مشاريع إجلاس الطلاب حيث إستفادت من هذا المشروع ولايات عدة ، و قد لعب فيها الدعم الإماراتي دوراّ محورياً كان هدفه تطوير التعليم برفع جودته في جميع ولايات السودان ، وكذلك تعتبر هذه المبادرة تحديداً سهم من أسهم تطوير التعليم و ذلك من خلال توسيع دائرة المنافسة في جودة القراءة بين الطلاب بتحفيز الفائزين فيها عبر كرنفالات الفرح التي تختمم بها أمثال هذه الفعاليات تحت مظلة مبادرة تحدي القراءة العربي ، فدائما يشكل وجود سعاده السفير الجنيبي حضوراّ أنيقاً و جميلاً ، فقد قام في فعاليات هذا الحفل بتكريم الأوائل هذا العام و قام بتوزيع (250) جائزة للطلاب الاوائل من ولايات السودان المختلفة بالإضافة إلى تكريم المشرفين و المدارس المتميزة والمحكمين ، و نقول لهم جزاكم الله عنا خيراً و بارك الله في كل مسعاكم الذي ينصب في المصالح العامة للامة العربية و الإسلامية .

مواضيع ذات صلة

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: استفهامات بريئة جدا ؟!

عزة برس

على كل.. محمد عبدالقادر يكتب: دموع مريم… وهروب حمدوك

عزة برس

تمبور السودان عصي على التركيع وصامد امام اعتى العواصف

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: تفسير مفهوم مصطلح (تكنوقراط) انجب مولود مشوه ..!!

عزة برس

دكتور وليد شريف يكتب : صديق الحلو.. رحيل لثورة ضد السكون

عزة برس

عائشة الماجدي تكتب: السلطان سعد ( أسمحوا لي بالمغادرة )

عزة برس

اترك تعليق