Site icon عزة برس

دولة القانون.. د. عبدالعظيم حسن المحامي يكتب :كفاية خراب

لا

أقلنا تشاؤماً من ممارستنا الدايمقراطية لم يكن ليصدق حجم المتاهات التي دخلتها ثورة بقامة ديسمبر المجيدة. فمنذ اليوم الأول، بدأت عملية الاختطاف، وظلت الأحداث تنبىء بأن حكومات الثورة ستسقط من تلقاء نفسها لكونها لم تقم على أسس أو تستفيد من أخطاء سابقاتها وإنما تمضي على نهج الساقطات. حتى اتفاقيات ومفاوضات السلام لا تلجأ إليها حكوماتنا إلا وهي في أضعف حالاتها فتأتي بشروط لا تفضي إلا لمزيد التفتت والتمزق.
لإيقاف الخراب لا سبيل غير العودة لمنصة الانطلاق بهيكلة حقيقية للحاضنة السياسية بوجه يعبّر عن الشارع وبالمرة تغيير الطاقم بشقيه المدني والعسكري. في ذكرى مجزرة القيادة العامة، وبدلاً من أن يطالب الثوار بالسقوط، فلتأتي الاستقالة من القيادة التي لا محالة ساقطة مهما طال الانتظار. الثوار، ومنذ اليوم الأول دعوا لحكومة كفاءات وطنية مستقلة. أهم الشروط التي كان من الواجب أن يتمسك بها المفاوضون خروجهم جميعاً من المشهد السياسي عقب توقيع الوثيقة الدستورية منعاً لأي شبه مصالح أو تفاهمات شخصية. لو أن المفاوضين تمسكوا بهذا الموقف المبدئي لأذعن العسكر لمطلب الشارع ومضت الثورة في اتجاهها الصحيح. مهما كان الثمن غالياً فإن عامين من عمر الشعوب مدة بسيطة لأجل الإصلاح. يظل لا سبيل للخروج من الأزمة غير المطالبة بالعودة لمنصة الانطلاق وأن تلتزم الأحزاب بما قطعت من عهد بأن تحكم الفترة الانتقالية حكومة جدارات وطنية مستقلة. في ذكرى مجزرة القيادة ليكن مطلب الثوار الوحيد وقف الخراب وتسليم القيادة لحكومة الكفاءات وطنية وإلا ستزيد الدماء. بعبارة أخرى، مطلوب تنحي المكون العسكري والمدني الحالي معاً وأن تعود الحركات المسلحة لثكناتها فوراً. الأحزاب السياسية، إن كانت جادة، فعليها أن تستعد للانتخابات بدلاً من التناحر فتضيع آخر فرص الديمقراطية .
السودان لا يستطيع أن يحكمه حزب منفرد مهما كانت إمكانياته. بذات القدر، تاريخنا السياسي كشف أن أحزابنا، وفي الفترات الانتقالية بالذات، لا تجيد سوى الكيد لبعضها بعضاً فيضطر الممسك بالسلطة وهو في آخر رمق، ومن باب علي وعلى أعدائي، للركون والاستسلام والتنسيق مع المؤسسة العسكرية بذات الطريقة التي تمت بانقلاب المخلوعين عبود، النميري ثم البشير. المؤسف أن التسليم للعسكر في هذه المرة لن يكون سلمياً وإنما بثمن غال لأن المتربص ليست جهة مسلحة واحدة وإنما رؤوس متعددة من الصعب التوليف بينها. فهلا أدركنا ثورتنا؟
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
29 مايو 2021

Exit mobile version