تحقيقات وتقارير

فذلكة تأريخية وتحليل…عمار العركي يكتب: السودان وارتريا إلى أين ؟؟

مقدمة:-

إنعقدت اليوم بالقصر الجمهوري المباحثات الرسمية بين السودان وأريتريا حيث ترأس الجانب السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي فيما ترأس الجانب الأريتري الرئيس أسياس أفورقي.وأكد الجانبان على ضرورة تعزيز العلاقات السودانية الأريترية بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين. وتطرقا لقضايا المنطقة والإقليم.
وأعرب الرئيسان عن تمنياتهما بمعالجة هذه القضايا التي تهم المنطقة عبر الحوار والتفاوض.
وعبر الرئيس الأريتري عن شكره وتقديره لحفاوة الإستقبال التي حُظيت بها زيارته للسودان.

خلفية:_

طيلة فترة حكم نظام الإنقاذ ظلت العلاقة مع إرتريا في حالة من عدم الإستقرار والتوتر،بلغت ذروة التوتر عقب إستقلال إرتريا عن أثيوبيا في العام 1991م وذلك لأسباب عدة ، أهمها عدم الثقة المتبادلة بين نظام الجبهة الشعبية الحاكم في إرتريا و حكومة الإنقاذ السابقة، فشل سلطة الإنقاذ في انتهاج الاستراتيجية والسياسية الكفيلة بتطبيع العلاقة، إضافة الي أن كلما تطورات علاقة السودان باثيوبيا زادت المخاوف الإرترية من السودان .
فى سبتمبر 2005م وعقب اتفاقية (نيفاشا)، انتهزت ارتريا مشاركة حلفائها فى حكومة الوحدة الوطنية فسعت لتطبيع علاقاتها مع السودان الذى كان راغباً فى ذلك، بعدها استضافت ارتريا مفاوضات سلام الشرق بين حكومة الوحدة الوطنية وجبهة الشرق تمخضت هذه المفاوضات عن توقيع اتفاق سلام الشرق ، ثم تحسنت العلاقات بين البلدين وتوالت زيارات كبار المسئولين حيث زار السيد الرئيس اسياس افورقى الخرطوم فى نوفمبر 2006م ، وزار رئيس الجمهورية الاسبق ارتريا فى فبراير 2010م .
شهدت العلاقات السياسية بين السودان وارتريا نقلة نوعية بعد توقيع اتفاقية الشرق وتجاوز الهواجس الأمنية لترتقى لمستوى التعاون الاقتصادى وتبادل المنافع ، وفى هذا الصدد فقد زار الرئيس الاسبق ارتريا ثلاث مرات فى العام 2013م ،كما زار الرئيس الارترى اسياس افورقى بورتسودان فى اكتوبر 2013م عبر البر،ودخلت العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة وإرتفعت الثقة بين البلدين الى اعلى المراتب.

يوليو2019 ،كانت أول زيارة لإرتريا بعد التغيير السياسي في السودان قام بها السيد/ رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان بصفته رئيس للمجلس العسكري الإنتقالي ، والذي قدم تنويراً مفصلاً لتطورات الأوضاع في السودان متناولاً أهمية العلاقة الإستراتيجية مع إرتريا في المرحلة القادمة، كما أكد الرئيس اسياس افورقى على الحفاظ على الأمن والاستقرار فى السودان واوضح ان النظام السابق ارتكب اخطاء كبيرة فى حق ارتريا والشعب الارترى بمعلومات غير صحيحة ، ولم يتم مشاورتهم والتنسيق معهم فى امر قفل الحدود ومن ثم فتحها ولكن سوف يتم فتح صفحة جديدة من التعاون والتنسيق فى سبيل تطوير وترقية العلاقات بين البلدين.

7. وفي يوليو 2019 زار ارتريا السيد نائب رئيس المجلس العسكرى الانتقالى علي راس وفد رفيع، والتقي الوفد بالرئيس الإرتري ، وعقد جلسة مباحثات مشتركة مع الجانب الإرتري حيث تم شُكر الرئيس اسياس افورقى للمساندة والدعم ، شارحا له الموقف الأمريكي والبريطاني والأوربي ودعمهم لخط مبعوثي الاتحاد الافريقى وأثيوبيا والبريطانيين والاوربيين بصفة عامة ، وأنه من العسير أن يكون هنالك تفاوض في ظل وجود برنامج تصعيد من قبل الطرف الآخر، الأمر الذي سيحسمه المجلس مع ضرورة أشراك كل القوي السياسية السودانية ولكن لابد من مزيد من المساندة والدعم الإقليمي والدولي للمجلس.

8. بخصوص تأمين الحدود ذكر السيد نائب رئيس المجلس للرئيس الإرتري تمام الجاهزية لتلقي أي توجيهات بخصوصها سيما وكل الجهات المختصة ( الجهاز ، الاستخبارات ، الشرطة) متواجدة ضمن الوفد.

9. السيد مدير عام جهاز الامن والمخابرات الوطنى ذكر ان موقف ارتريا من مفاوضات شرق السودان كان موقف مشرف ومثمر، موضحا بأن إتفاقية سلام شرق السودان ظلت متماسكة حتي الآن ،مؤكدا علي أن التدخلات الخارجية تعقد الوضع أكثر.
10. عقب الزيارة أدلي مستشار الرئيس للشؤون السياسية يمانى قبرى اَب بتصريحات صحفية ، ذكر فيها بأن السودان تمكن بطريقة إيجابية وثابته من الخروج من المرحلة الخطيرة التى ولج اليها فى عهد النظام السابق ، بفضل نضال شعبه والمجلس العسكرى الانتقالى الداعم لهذا النضال ،مؤكداً بأن السودانيين يملكون قدرات وكفاءات عالية لتجاوز عملية الانتقال بسلام.

11. في أغسطس 2019م زار وفد إرتري الخرطوم مكون من وزير الشؤون الخارجية عثمان صالح والمستشار السياسي للرئيس الإرتري يمانى قبرآب ،سلم الوفد رسالة من الرئيس اسياس افورقى إلى السيد رئيس مجلس السيادة السودانى الفريق اول عبدالفتاح البرهان ، وهنأ الرئيس اسياس افورقى فى رسالته الشعب السودانى بتحقيق الانتصار التاريخى ، معبراً عن امنياته الكبيرة فى ان يسهم ذلك ايجاباً فى تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية والتعاون الاقليمى.
12. اوضح السيد رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبدالفتاح البرهان للوفد، بان تمتين العلاقات مع ارتريا يعد حجر زاوية للسياسة الخارجية السودانية ، مشيراً إلى ان السودان سيعمل بالتنسيق مع ارتريا لتعزيز العلاقات الاقليمية.

13. كما التقى الوفد برئيس وزراء الحكومة السودانية الانتقالية الدكتور عبدالله حمدوك ، حيث اكد سيادته فى اللقاء جاهزية الجانبان للاستفادة الجادة من الفرص الواسعة التى اتاحتها آفاق التغيير الايجابى التى يشهدها السودان فى الوقت الحالى وتعزيز المصالح المشتركة فى كافة المجالات وتسخيرها فى التعاون المشترك والعلاقات الثنائية ، وذكر رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك بان السلام يساهم فى حل الخلافات والصراعات ، مناشداً دعم ارتريا وكافة دول الجوار للبلوغ إلى بر الامان.

14.في سبتمبر 2019 زار الرئيس الارترى اسياس افورقى الخرطوم تلبية،والتقى السيد رئيس مجلس السيادة الفريق اول /ركن عبدالفتاح البرهان ورئيس وزراء الحكومة الانتقالية الدكتور/ عبدالله حمدوك وعضو المجلس السيادى الفريق اول /محمد حمدان دقلو ، حيث اكد على العلاقات التاريخية بين الشعبين الارترى والسودانى والمبنية على حسن الجوار ، معرباً عن امله فى نقل هذه العلاقة إلى مرحلة تعاون جديدة ومثمرة ، والاستعداد القائم لتعويض الفرص الفائتة.

15. توصل الطرفان إلى تفاهمات لتعزيز التعاون فى المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية والدبلوماسية والأمنية والعسكرية ، والعمل المشترك لتفعيل التنسيق الاقليمى ، كما تفقد الرئيس اسياس افورقى برفقة رئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبدالفتاح البرهان وغيره من كبار المسؤولين فى الدولة مؤسستى اليرموك وزادنا الانتاجيتين فى الخرطوم.

16. اوضح الرئيس اسياس خلال تفقده لمؤسسة اليرموك العسكرية التى تنتج الاسلحة ومؤسسة زادنا الزراعية التى تنتج مواد البناء والمنتجات الزراعية ، بان وجود مثل هذه المؤسسات فى المنطقة يمهد للحصول على المواد التى تحتاجها المنطقة عن قرب من السودان ، وهى مهمة للنمو والتعاون المشترك الذى سيعمل به.

17. اصدرت الحكومتان الارترية والسودانية بياناً مشتركاً يحتوى على ستة نقاط لتعزيز التعاون بينهما فى المجالات الدفاعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية والسياسية والدبلوماسية ، وقد تم التوجيه بتكوين لجنة عليا لتنفيذ هذا الاتفاق وبإشراف قيادة البلدين .

18. في اليوم التالي من الزيارة التقى الرئيس الارترى بالجالية الارترية فى الخرطوم ، وقال الرئيس اسياس افورقى فى الاجتماع الذى حضره رجال الدين وممثلى جمعية الصداقة الشعبية الارترية – السودانية والارتريون المقيمون فى الخرطوم ان اللقاء،يعتبر تاريخياً لانعقاده فى هذه المرحلة الجديدة ، كما اشار إلى تخطى فترة صعبة بفضل نضالات وصمود الشعبين الارترى والسودانى وتحقيق النماء ، موضحاً وجود برنامج لزيارة مختلف المدن السودانية فى مناسبة اخرى ، واجاب الرئيس اسياس افورقى على اسئلة واستفسارات الحضور .

19. فيما بعد تم عدة زيارات علي مستوي وزراء البلدين بخصوص تطورات سد النهضة والصراع في أثيوبية ،إضافة للنزاع الحدودي بين السودان وأثيوبيا ، حيث كانت أخر زيارة للوفد الإرتري بتاريخ 5/يناير 2021م برئاسة وزير الخارجية الإرتري ،مبعوثا من الرئيس أسياسي ،وبالمقابل تمت زيارة من قبل السيد نائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول /محمد حمدان دقلو إلتقي الوفد بالرئيس اسياسي افورقي وسلمه رسالة من السيد رئيس مجلس السيادة والمتمثلة في العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات علي الحدود الارترية الاثيوبية السودانية ،تم الاتفاق علي تفعيل اللجنة التنسيقية المشتركة بين البلدين وتبادل المعلومات ، فيما تقدم الرئيس اسياسي افورقي بمقترح عقد لقاءات ثلاثية بين السودان واثيوبيا وارتريا من اجل حل المشكلات بين الدول الثلاث.

اتجهات العلاقة مع ارتريا :_

تعتري القيادة الارترية هواجس بأن السودان لا يزال يشكل معبراً لعناصر المعارضة الارترية الموجودة في اثيوبيا إلى الداخل الاريتري الأمر الذي تراهـ القيادة السياسية الارترية بأنه يؤثر سلباً على تطوير علاقات البلدين .

عدد من الاتفاقيات الاقتصادية الثنائية وقعها السودان مع اريتريا لم تجد طريقها للتنفيذ لان الجانب الارتري يتردد ويتباطأ فى التنفيذ بسبب ان التهريب يوفر معظم إحتياجاته دون تكلفته عملات حرة

تواجه إرتريا جملة من التحديات السياسية والأمنية والإقتصادية منذ إستقلالها عن أثيوبيا في العام 1993م ، وقد كان لحربها مع الجارة أثيوبيا في العام 1998م وقرار فرض العقوبات الإقتصادية وتوتر علاقاتها بدول جوارها ،الأثر المباشر في رفع سقف تلك التحديات والأزمات.
مؤخرا وفي ظل تسارع وتيرة إعادة تشكيل الخارطة السياسية لمنطقة القرن الإفريقي من قبل التحالفات الإقليمية والقوي الدولية كانت ارتريا إحدي دول الإقليم التي بدأت في تحقيق عدد من المكاسب والمصالح و فك طوق العزلة الدولية والإقليمية ، والذي تزامن مع التغيير السياسي في السودان وزوال حكم الإنقاذ ،ولربما يكون هذا واحد من دوافع إرتريا في إتجاه ترميم وتطبيع علاقتها مع السودان .

الارتريون كانت لديهم شكوك دائمة تجاه السودان لذلك ظلوا يتمسكون ببقايا من الحركات المسلحة السودانية، ككرت ضغط فى المستقبل فى حالة توتر العلاقات و إن كان نشاط فصائل هذه الحركات السالبة مجمداً حالياً الا ان وجودها داخل ارتريا يشكل هاجس بالنسبة للسودان وربما هو المؤثر على صفاء العلاقات السودانية الارترية .

كل قرارات إغلاق الحدود في الفترات السابقة لم يحقق الاهداف المرجوة في مكافحة التهريب ومنع تسرب السلع الإستراتيجية من السودان الي إرتريا، عكس إرتريا التي حققت مكاسب إقتصادية وسياسية لم تكن تتوقعها جراء قرار الإغلاق.

بدأت ارتريا في اعادة التواصل والتعاطي مع السودان من خلال زيارات الرئيس الإرتري والوفود الارترية رفيعة المستوي في أعقاب التحولات الجذرية في المشهد السياسي السوداني نتيجة الثورة علي نظام حكومة الإنقاذ،والذي أفضي الي وجود واقع سياسي جديد ،وحكم إنتقالي وفق إتفاق سياسي ودستوري بين المكون العسكري ممثل المجلس العسكري الإنتقالي والمكون المدني الممثل في وقوي إعلان الحرية والتغيير.
28. بادر السيد رئيس المجلس العسكري فور إستلام السلطة في السودان زيارة إرتريا والتواصل مع الرئيس الإرتري عبر زيارات متبادلة بين الطرفين ،فكانت زيارات متكررة من المستشار السياسي والأمني الأرتري يماني قبرآب ووزير الخارجية الإرتري عثمان صالح،مقابل زيارة السيد /نائب رئيس المجلس العسكري الفريق أول (حميدتي) وفي معيته السيد مدير عام جهاز المخابرات العامة السابق وكبار قيادات الجيش والشرطة في السودان.

مؤخرا وبعد التطورات في ملفي إقليم التقراي والحدود مع أثيوبيا إضافة لتطورات ملف سد النهضة ، ومن خلال التحالف (الإرتري – الأثيوبي)، أدركت ارتريا اهمية دور السوداني في كل تلك الملفات بصورة تتطلب إنتهاج سياسة جديدة في التعامل ، خاصة وأن السودان يؤثر كثيرا في علاقة إرتريا الاقليمية، وتاتي هذه الزيارة بعد زيارة مدير المخابرات المصرية للسودان ، تدرك ارتريا تنامي العلاقات المصرية السودانية في الوقت الراهن ولاتريد ان تكون هذه العلاقة خصما عليها، وجهة النظر الارترية بان مفاوضات سد النهضة يمكن ان تصل لحل يرضي الجميع دون المساس بحقوق الجميع في مياه النيل ، سوف تحاول القيادة الارترية التوسط في هذه القضية من باب انها تمثل قيادة محورية في منطقة القرن الافريقي وابراز دورها في حل القضايا الاقليمية ، فيما لانتوقع الحياد الارتري في قضية الحدود بين السودان واثيوبية لتحالفات بين ارتريا واثيوبيا وللاعتبارات اثنية تربط البلدين ، اضافة علي التطور الاخير في ازمة اقلبم التقراي ودخول ارتريا مع اثيوبيا كلاعب رئيسي في الازمة ، وتواجه ضغوط دولية.جمبا الي جمب مع حليفتها اثيوبيا فب مواجهة اتهامات بانتهاكات حقوقية انسانية في الاقليم

لذلك بالضرورة إيجاد آلية مختصة بوضع إستراتيجية التعامل مع إرتريا في ظل التطورات الأخيرة تهدف في المقام الاول الي تطوير العلاقات مع ارتريا إيجاد الوسائل والطرق لحمل ارتريا على تقنيين تجارة الحدود وتفعيل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وتوقيع مزيد من الاتفاقيات فى مختلف المجالات.

مواضيع ذات صلة

خريطة وعلامات وردية.. راصد الزلازل الهولندي يغرد عن إيران

عزة برس

متعاطو الآيس.. مآسٍ وحكايات صادمة.. الحلقة الأولى

عزة برس

يوم في بيت البنات.. “هبة الله محمد عبد الله” تفجرها داوية (هذه حكايتي)!!!

عزة برس

صاحبها أحد أخطر عناصر مافيا المخدرات العالمية.. تفاصيل ضبط اضخم شحنة مخدرات بمطار الخرطوم

عزة برس

بداية فصل الشتاء فلكيًا

عزة برس

شبكة الجامعات العالمية المفتوحة باسبانيا برشلونة للدراسات العليا تمنح كلية النهضة عضويتها التي تضم 110 جامعه و 35 دولة

عزة برس

اترك تعليق