المقالات

إستراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب : تشاد .. صراع الزغاوة والقرعان !!

– لازالت علاقة التاثير والتاثر تحكم نظرية البقاء في السلطة داخل اجهزة الحكم في السودان وتشاد .. اذ لم تنتهي اي محاولة انقلاب ناجحة ام فاشلة في الخرطوم الا واتبعتها محاولة انقلاب عسكري في انجمينا .. كما يتفق البلدان في حاكمية صراع الاطراف الجهوية والقبلية “الجنوب والشمال” – “الشرق والغرب” .. ولايخلو الامر من تجاذب المعتقدات الدينية .. اضافة الى الكم الهائل من الحركات المسلحة المتمردة على السلطة المركزية ..
– الصراع الداخلي في تشاد يتحكم فيه النفوذ القبلي والعشائري لذلك كل من اعتلى السلطة في انجمينا يتم تصنيفه على هذا الاساس وتلعب قبائل “القرعان والزغاوة” العامل المشترك في الصراع حول السلطة .. ففي شمال تشاد حيث الحدود مع ليبيا ينشط “القرعان” الذين جاء من امتداداتهم الفرعية الرئيسين السابقين “جوكوني عويدي” و”حسين حبري” تلاهما الرئيس الحالي ادريس “ديبي اتنو” وامتداداته القبلية من “الزغاوة” شرقي تشاد ..
– تنشط هذه الايام عمليات كر وفر بين الحكومة التشادية برئاسة “ديبي” وجبهة التغيير والوفاق في تشاد وهي جبهة سياسية عسكرية أنشأها الدكتور محمد مهدي علي في مارس ٢٠١٦م في “تانوا” في شمال تشاد وهو من فروع قبائل “القرعان” وينتمي اليها الجنرال محمد نوري الزعيم الشهير في المعارضة التشادية الذي كاد ان يستولي على “انجامينا” عام ١٩٩٨م وهو وزير سابق وينتمي ايضا الى فروع قبائل “القرعان” من اثنية الرئيس التشادي السابق “حسين حبري” .. وقد اعلنت عن استعدادها لعمليات عسكرية ضد الرئيس “إدريس ديبي” اثناء بدء عملية انتخابه لدورة رئاسية جديدة
في ابريل ٢٠٢١م وبالفعل هاجمت الجبهة التشادية القوات الحكومية التشادية في شمال تشاد وبدورها تعرضت للهجوم من قبل القوات الحكومية .. وكانت جبهة التغيير والوفاق قد وضعها المدعي العام في طرابلس ضمن قائمة من المتمردين المطلوبين لدورهم السالب في تاجيج الصراع الليبي حيث صدرت مذكرات توقيف ضد ٣٦ منهم على راسهم زعيم الجبهة “مهدي” ..
– من ابرز فصائل المعارضة التشادية المتواجدة في ليبيا وتناصب الرئيس “ديبي” العداء الحركة من اجل الديمقراطية والعدالة في تشاد وتتكون هذه الحركة بالكامل من قبائل “التبو” المشتركة والمتداخلة مع ليبيا .. ثم المجلس العسكري لإنقاذ الجمهورية ويعتبر من كبريات حركات المعارضة التشادية ويتمركز كسابقيه في عدة مواقع بجنوب “سبها” في ليبيا ويعمل قادته على برنامج تدريبي نشط ويزعمون ان لديهم قوات تصل الى اربعة آلاف مقاتل .. كما انضم لهم المزيد من الضباط والعساكر التشاديين الذين ينشقون حديثا عن حكومة “ادريس ديبي” خصوصا من قومية “الدازقرا” الفرع المهم في قبائل “القرعان” .. اما تجمع القوى من اجل التغيير في تشاد واحدة من حركات المعارضة التشادية المسيطرة على جنوبي ليبيا ولها مواقع جنوب مدينة “سبها” يغلب عليها الانتماء الجهوي وتحديدا الى القوميات التشادية المنتشرة في شرق تشاد وأهمها “الزغاوة” التي ينتمي إليها زعيم هذه الحركة الجنرال “تيمان اردمي” وهو واحد من أشهر قادة المعارضة التشادية وشغل “تيمان” قبل تمرده منصب مدير مكتب الرئيس التشادي “ادريس ديبي” الذي تربطه به صلة رحم وكاد أن ينجح التحالف الذي اسسه مع الجنرال محمد نوري في إسقاط حكم “ديبي” في ١٩٩٨م ..
– اختلاف المشهد الراهن في حراك المعارضة التشادية ان تحركاتها العسكرية تاتي حاليا من العمق الليبي في شمال تشاد ويحسب هذا العمق من الناحية الاستراتيجية لصالح الحكومة التشادية اذ لم تفلح كل المحاولات لاسقاط انظمة الحكم التشادية من داخل العمق الليبي بل لم تستطع ليبيا بكل امكانياتها العسكرية في عهد الرئيس السابق معمر القذافي من الانتصار على الحكومة التشادية في شريط “اوزو” الغني بالمعادن وكانت الكفة ترجح دائما لصالح الحكومة التشادية وحسمتها المعركة الشهيرة ب”معركة التايوتا” على مايبدو هي “التاتشرات” والشاحنات الصحراوية ماركة “تويوتا” ..
– بعكس العمق الاستراتيجي الليبي فان اي نشاط للمعارضة التشادية ينطلق من عمق الاراضي السودانية يشكل ابعادا خطيرة على الحكومة التشادية الا انه في الوقت الراهن لايشكل العمق السوداني مخاطر على تشاد وذلك لعدة اسباب .. اولها: مناصرة عدد من الحركات المسلحة الموقعة على سلام جوبا لحكومة “ديبي” ويلعب العامل القبلي “الزغاوة” دورا مهما في تفاهمات هذه الحركات مع الحكومة التشادية .. وثانيها: بروتوكول القوات السودانية التشادية المشتركة الموقع بين البلدين منذ العام ٢٠١٠م ..
– الصراع على السلطة في تشاد حسمه لايتم الا عسكريا اذ لم تشهد انجمينا تجارب مماثلة لتغيير انظمة الحكم كما يجرى في السودان من تغيير عبر الثورات الشعبية “نموذج اكتوبر ٦٤ وابريل ٨٥ وابريل ٢٠١٩م” .. فمنذ تولى الرئيس الاول لتشاد “تمبالباي” الحكم لم يتم تداول سلمي للسطة في “انجمينا” الا عن طريق الانقلاب العسكري او استلام المعارضة المسلحة للحكم وبالتحديد من داخل العمق السوداني او بمساعدته عبر طرف ثالث من جوار تشاد الافريقي او بدعم مالي ولوجستي من ليبيا .. اذن مطلوب من الرئيس “ادريس ديبي اتنو” قراءة الملعب السياسي واجراء اصلاحات هيكلية في نظام الحكم تمكن من التداول السلمي للسلطة بالشراكة مع اطراف المعارضة التشادية او دون ذلك ستتزاحم الصراعات على كرسي السلطة في البلد الافريقي الناهض بعد اكتشاف النفط وتطور البنى التحتية نسبيا على ما كانت عليه في السابق ..

 

مواضيع ذات صلة

عمار العركي يكتب: خبر وتحليل: – مجلس الشيوخ الامريكي ومجلس الشيخ الإماراتي

عزة برس

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: ايها السادة .. انتبهوا !!

عزة برس

أماني الطويل ومعطوب القول!! بقلم: عمر عصام

عزة برس

تقرير: 1140 حالة اختفاء قسري خلال عام من الحرب في السودان

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: دعوها فانها مأمورة ..!!

عزة برس

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: استفهامات بريئة جدا ؟!

عزة برس