المقالات

د. عبدالعظيم حسن المحامي يكتب : “الكوزنة” سلوك

أخطر أنواع انهيار القيادة الأخلاقي استغلال واستغفال الشعوب باسم الدين أو الوطنية. الادعياء لا مبادئ لهم ولا يدخروا وسعاً في بذل الغالي والنفيس من أجل الاستئثار بالسلطة. هولاء أسوأ من الكيزان لكون الكوزنة باتت مصطلحاً لسلوك لا يرتبط بجهة دينية أو سياسية.
منذ انطلاق الثورة، ومع بداية التفاوض مع اللجنة الأمنية للنظام البائد علق أسود البراري على جداراياتهم عبارة صريحة: *الثوار يجتمعون والأحزاب يتفرقون*. أحزابنا لم تع الدرس، ولم تسع حتى لزرع الثقة وسط الثوار بأفعال تطمينية وإنما شقت صفوف وحدتهم. مرة أخرى وصل الأحزاب تحذير عملي باندلاع المظاهرات أمام مكاتب تجمع المهنيين اعتراضاً على ترشيح أحد أعضاء الوفد المفاوض للمجلس العسكري ليتولى عضوية مجلس السيادة الانتقالي. لم تمض أيام معدودة على التشكيل المعلول لمجلسي السيادة والوزراء إلا وأعلن حزب الأمة تجميد عضويته في اللجنة المركزية للحرية والتغيير. بالمقابل، الانشقاق البارز لتجمع المهنيين تجلي كإفراز طبيعي للصراع على تقسيم غنائم السلطة بين الحزبين الشيوعي والمؤتمر السوداني. في ظل هذه الظروف صدر قانون لجنة إزالة التمكين في نسخته الأولى، وسرعان ما عُدِل لتصبح بموجبه لجنة إزالة التمكين أعلى سلطة دستورية تسود وتعلو قراراتها على أي جهة تنفيذية أو حتى قضائية. تسارعت الأحداث في ظل غياب الرقابة من المجلس التشريعي، مجلس القضاء العالي، مجلس النيابة العامة والمحكمة الدستورية. مع هذه الأوضاع تزامن أن تلاشت اللجنة القانونية للحرية والتغيير كحاضنة تُشكّل المرجعية العدلية أو على الأقل نقطة التصدى لأي عبث قانوني باسم الثورة. انشقاق تجمع المهنيين انعكست آثاره مباشرة على التحالف الديمقراطي للمحامين ولجنته السياسية التي ذابت بعد أن قسمت بين أعضائها مواطئهم بالسلطة التنفيذية ولجان الثورة المشلولة. رغماً عن كل مظاهر الضعف هذه لم تنتبه أي جهة إلى أن الثورة، وهي في بداياتها، يستحيل أن تمضي عرجاء بلا وحدة أو رأس مسؤول ناهيك عن انعدام الخطط.
في ظل غياب الرؤية المحلية والخارجية، والتكالبات الإقليمية والدولية استمر توزيع الغنائم والمناصب على طريقة “معركة أحد”، فازدادت حدة التراشق، الاتهامات والمزايدات على التهميش والإقصاء من جانب وأحقية الأحزاب في القيادة من الجانب الآخر. هذه الهشاشة أغرت شماتة الأعداء وتحركاتهم المضادة والمتوقعة. مصاعب عودة الثورة لمنصة الانطلاق وإن ظلت تتسع إلا أنها ليست مستحيلة. الحرية، الوحدة والتجرد عناصر كفيلة لجمع الثوار طالما تجاوزوا عقبة النظام البائد الكؤود لتعود البوصلة ودولة القانون المنشودة، وإن طال السفر إذا وعينا الدرس.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
18 أبريل 2021

مواضيع ذات صلة

أماني الطويل ومعطوب القول!! بقلم: عمر عصام

عزة برس

تقرير: 1140 حالة اختفاء قسري خلال عام من الحرب في السودان

عزة برس

استراتيجيات.. د. عصام بطران يكتب: دعوها فانها مأمورة ..!!

عزة برس

كل الحقيقة.. عابد سيد أحمد يكتب: استفهامات بريئة جدا ؟!

عزة برس

على كل.. محمد عبدالقادر يكتب: دموع مريم… وهروب حمدوك

عزة برس

تمبور السودان عصي على التركيع وصامد امام اعتى العواصف

عزة برس