المقالات

أم درمان – عزيز مكانِ ذلّ! بقلم محمد أزهري

الشباب أحجم عن صوالين الحلاقة، وبعضها مغلق تماماً – غول ضخم إلتهم فرحة الأطفال بالعيد – استغنوا عن إقتناء ألعابهم النارية التي كانوا يفرقعونها على رؤوسنا بالتزامن مع صلاة العيد – طبعاً- هم أذكياء جداً هذه المرة تركوا المهمة لخبراء الصنعة فالدانات يسمعونها بتواصل أشبع رغبتهم في فرقعات مخدوعة – الفرق الوحيد أنهم كانوا يضحكون عندما يطلقونها والآن يبكون حين يسمعونها.
خرجنا بالأمس مسرعين تدافعنا عند البوابة لنرى من الذي يشتبك أمام منزلنا وماذا خلف الاشتباك من قتلى وجرحى فعاد إلينا أول من اكتشف الأمر بنبأ أن هذا قائد (مليشيا) من الخراف يداعبها بالسوط بطريقة محترفة جعلت فرقعاته أشبه بالكلاشنكوف – قلت إنهم يبدأون هكذا ثم يقودون السودان حين فجأة.

ثمة بؤس وكلح لازم بائعي الخراف – مثلاً أمام منزلنا كان يقام سوق مؤقت كل عام – أشكال وألوان وأوزان مختلفة – صاحب الحلال هو النجم الذي يصعب الوصول إليه – أمس أصطحبت أبنائي لشراء أضحية نتقرب بها إلى الله وندعوه أن يلطف بالبلد – تخاطفنا الباعة يعرضون خرافهم على طريقة سماسرة السياريات حتى كاد أحدهم أن يضيف على وصف سعيته – عليها – (فتحة سقف وجيب نظارة وبتنقط موية بالعادم) – لو لا بغضي للمفاصلة وسخانة نهار عرفة كِدت أن أخرج بحَمَل زيادة.

السودانيون بطبيعتهم يقدسون الطقوس الدينية ويعظمون شعائرها في كل الظروف لكن ما تبقى منهم في الخرطوم مغلوب على أمره – يتوزعون إلى (كِيمان) بين من فقدوا وظائفهم ومدخلاتهم وبين من نُهبت ممتلكاتهم ومن فقدوا أعمالهم ومصادر دخلهم الخاصة وآخرين قُهروا بفقدان أعزاء وأرباب أسر – وكلهم جريح خاطر ومكسور قلب وعزيز قومِ ذلّ.

هذا الحال البائس حول مشهد عيد الأضحى المبارك إلى (بيت عزاء كبير) خرج فيه الناس بما يرتدونه لحظة (الخبر) – إختفى معه مشهد الجلابية البيضاء والعِمة لدى الكبار وذاب ملمح (علي الله) البديع على أجساد الشباب المتوهج مع تلك الحلاقة العصرية – ذاب – كما تذوب فرحة عريس اخترقت رأسه رصاصة فرح من صديق متهور.

العيد الذي تجرد من نكهة الجلابية الجديدة و(العلي الله) لم يقف مكتوف الأيدي لنسرق منه مثقال فرحة بل جرد سوق أم درمان من كل شيء – سوق أم درمان الذي يمثل أكبر معالم فرحة العيد – تجرد تماماً حتى من (مريم الشجاعة) التي كانت تمدنا بريحة قديمة لحاجة اسمها (أم درمان) وعيدها المجيد – أم درمان هي الآن عزيز الأمكنة الذي ذل على يد وبندقية من لا يعرف عبق المكان وعراقة التاريخ وسماحة الإنسان.

المهم

عيد سعيد – كل سنة وأنتم طيبين – ينعاد عليكم بالخير السلام واليمن والبركات.

محمد أزهري

أم درمان 28 – 6 – 2023

مواضيع ذات صلة

السيسي ..طبيب العيون الذي لا يرتدي نضارة بقلم: علم الدين عمر

عزة برس

كل الحقيقة.. عابد سيد احمد يكتب: إشاعة إقالة المحافظ والبلاء الاخر؟!

عزة برس

حاجب الدهشة.. علم الدين عمر يكتب: ورشة الإعلام…الأمير في ملعبه

عزة برس

صحفي سوداني يروي تفاصيل فيلم رعب اثناء فراره إلى مصر ويتحدث عن اوضاع المعيشة في القاهرة

عزة برس

رنده المعتصم أوشي تكتب : عن ذكرى الوالي الغالي.. عقدان من عمر الزمان وثمانية… تاجاً يزين هامة الإشراق

عزة برس

وجه الحقيقية.. لن ننساها لمصر . – إبراهيم شقلاوي

عزة برس

اترك تعليق